تُعد التليفات الرحمية (الأورام الليفية) من الحالات الشائعة التي تواجهها النساء في مراحل مختلفة من العمر، وقد تُسبب اضطرابات صحية تؤثر على جودة الحياة والقدرة الإنجابية. بفضل التقدم الطبي الحديث، ظهرت تقنيات علاجية مبتكرة تُساعد في الحد من آلام هذه التليفات ونزيفها، وفي الوقت ذاته تحافظ على سلامة الرحم وقدرته على الإنجاب. في هذا المقال الحصري ، سنستعرض مفهوم علاج التليفات الرحمية بالقسطرة (الانصمام)، وفوائده، وكيفية تحضير المريضة للعملية، بالإضافة إلى تأثيره على فرص الحمل ونسبة النجاح المتوقعة. كما سنسلّط الضوء على دور مجمع صحة المرأة للخصوبة في جدة بصفته أحد المراكز الرائدة في تقديم رعاية شاملة للمرأة، مع خبرة طويلة تفوق 24 عامًا في مجال الطب الإنجابي.
أولًا: التليفات الرحمية – ما هي وكيف تؤثر على الخصوبة؟
1. تعريف التليفات الرحمية وأسبابها
التليفات الرحمية، التي تُعرف أيضًا بالأورام الليفية، هي كتل حميدة تنمو داخل عضلة الرحم أو في محيطه. تختلف هذه التليفات من حيث الحجم والموقع؛ إذ يمكن أن تكون صغيرة دون أعراض تُذكر، أو كبيرة تؤدي إلى تشوه شكل الرحم والضغط على الأعضاء المجاورة. بينما لا تُعد هذه التليفات سرطانية، فإنها قد تتسبب في نزيف مهبلي غزير، ألم في منطقة الحوض، واضطرابات بالدورة الشهرية.
من أبرز العوامل التي قد تزيد احتمالية الإصابة بالتليفات الرحمية:
- الوراثة: يمكن أن يكون للعامل الوراثي دور في ظهور التليفات لدى بعض النساء.
- العمر: تزداد احتمالية الإصابة بالتليفات مع التقدم في العمر، خاصةً في فترة الثلاثينيات والأربعينيات.
- التوازن الهرموني: ارتفاع مستويات هرمون الإستروجين يُسهم في زيادة نمو التليفات.
2. تأثير التليفات على الصحة الإنجابية
يمكن أن تؤثر التليفات الرحمية على الخصوبة بطرق عدة، أبرزها:
- تشوّه تجويف الرحم: إذا كانت التليفات قريبة من بطانة الرحم، فقد تُعيق انغراس الجنين أو تؤثر على تغذيته.
- انسداد قنوات فالوب: في بعض الحالات، قد تؤدي التليفات إلى تضييق أو انسداد جزئي لقنوات فالوب، مما يُصعّب وصول البويضة المخصبة إلى الرحم.
- النزيف المهبلي: يُمكن أن يؤدي النزيف المفرط إلى انخفاض مستوى الحديد في الدم والتسبب في فقر الدم، مما يضعف الصحة العامة ويقلل من قدرة الجسم على دعم الحمل.
ثانيًا: علاج التليفات الرحمية بالقسطرة – الانصمام
1. مفهوم الانصمام وأهميته
يُعد الانصمام (Uterine Fibroid Embolization) إجراءً غير جراحي يُستخدم لقطع إمداد الدم عن التليفات الرحمية، مما يؤدي إلى تقلصها بمرور الوقت. يتم ذلك من خلال إدخال قسطرة رفيعة في أحد الشرايين المغذية للرحم، ثم حقن مواد صغيرة تعمل على سدّ تلك الشرايين، فينخفض تدفق الدم إلى التليفات وتتقلص تدريجيًا.
2. آلية عمل القسطرة
- التخدير الموضعي: تُجرى العملية عادةً تحت تخدير موضعي في منطقة الفخذ، مع استخدام مهدئات خفيفة لتقليل التوتر.
- إدخال القسطرة: يتم إدخال قسطرة دقيقة في الشريان الفخذي، وتُوجه بدقة نحو الشرايين المغذية للتليفات باستخدام تقنيات التصوير الطبي.
- حقن مواد الانصمام: بمجرد وصول القسطرة إلى الشريان المغذي للتليف، تُحقن حبيبات دقيقة تعمل على سدّ هذا الشريان، مما يُقلل من تدفق الدم إلى التليفات.
- تقلص التليفات: مع نقص الإمداد الدموي، تتقلص التليفات تدريجيًا، وتخف الأعراض المصاحبة لها مثل النزيف والألم.
3. مميزات الانصمام مقارنةً بالخيارات الأخرى
- إجراء غير جراحي: لا يستدعي عمل شقوق كبيرة في البطن كما في الجراحة التقليدية.
- حفاظ على الرحم: لا يتم استئصال الرحم في الغالب، مما يتيح للمرأة فرصة الحفاظ على خصوبتها.
- فترة نقاهة قصيرة: تعود المريضة إلى حياتها اليومية بشكل أسرع من الجراحة المفتوحة.
- فعّال في تقليل الأعراض: يُساعد في تقليل النزيف والألم بشكل ملحوظ لدى نسبة كبيرة من المريضات.
ثالثًا: نسبة الحمل بعد الانصمام – ما المتوقع؟
1. العوامل المؤثرة في نسبة الحمل
تختلف نسب الحمل بعد علاج التليفات الرحمية بالقسطرة تبعًا لعوامل عدة، منها:
- حجم التليفات وموقعها: كلما كانت التليفات أصغر وأبعد عن تجويف الرحم، ارتفعت فرص الحمل الناجح.
- عمر المريضة: يُؤثر العمر في جودة البويضات والقدرة الإنجابية عمومًا، حيث تقل جودة البويضات مع التقدم في السن.
- الاستجابة للعلاج: تعتمد نسبة النجاح على مدى تقلص التليفات بعد الانصمام واستعادة الرحم لشكله ووظيفته الطبيعيين.
2. نتائج الأبحاث والتجارب
تُشير التقارير إلى أن كثيرًا من النساء نجحن في تحقيق حمل ناجح بعد الخضوع لعملية الانصمام، خاصةً إذا تزامن ذلك مع التزام المريضة بنمط حياة صحي ومتابعة طبية منتظمة. إلا أن نجاح الحمل قد يستدعي إجراء فحوصات دورية للتأكد من تقلص التليفات وتحسن الحالة الهرمونية.
3. المتابعة الدورية والتدخل الإضافي
في بعض الحالات، قد يستدعي الأمر إجراء تدخلات إضافية مثل الحقن المجهري أو التلقيح الصناعي بعد الانصمام، خاصةً لدى النساء اللواتي يعانين من ضعف جودة البويضات أو اضطرابات هرمونية أخرى. من الضروري التنسيق مع فريق طبي متخصص لمناقشة كل الخيارات العلاجية المتاحة.
رابعًا: الاستعداد والتحضيرات قبل الانصمام
- الفحوصات التشخيصية:
مثل الموجات فوق الصوتية المتقدمة أو الرنين المغناطيسي لتحديد حجم التليفات وموقعها بدقة.
- الفحوصات الهرمونية:
لضبط مستويات الهرمونات والتأكد من عدم وجود اضطرابات أخرى تؤثر على الرحم.
- تعديل الأدوية:
إذا كانت المريضة تتناول أدوية هرمونية أو مضادات الالتهاب، فقد ينصح الطبيب بتعديل الجرعات قبل العملية.
- الدعم النفسي:
يُعد التواصل مع استشاري نفسي أمرًا مفيدًا لتخفيف التوتر وتحسين الاستجابة للعلاج.
يُعتبر مجمع صحة المرأة للخصوبة في جدة من المراكز الطبية الرائدة في مجال الطب الإنجابي، حيث يقدم خدمات شاملة تهدف إلى تشخيص أسباب تأخر الحمل بدقة وعلاجها بفعالية:
-
خبرة طويلة تفوق 24 عامًا:
يتمتع الفريق الطبي بخبرة عريقة في تشخيص حالات العقم غير المُفسَّر ووضع خطط علاجية متكاملة.
-
استخدام أحدث التقنيات:
يعتمد المركز على أجهزة تصوير رقمية متطورة وأنظمة تحليل بيانات تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مما يضمن دقة التشخيص وتقديم خطة علاجية مخصصة.
-
رعاية شاملة ودعم نفسي:
يوفر المجمع خدمات الدعم النفسي والاستشارات المتخصصة للتعامل مع ضغوط العقم والقلق النفسي المصاحب له.
-
متابعة دقيقة ومنظمة:
يتميز المجمع بوضع خطة متابعة دورية تشمل جميع الفحوصات اللازمة لتقييم الحالة الصحية وتعديل البروتوكولات العلاجية عند الحاجة.
يُمثل علاج التليفات الرحمية بالقسطرة خيارًا فعّالًا للنساء الراغبات في التخلص من آلام التليفات ونزيفها مع الحفاظ على قدرتهن الإنجابية. ومع أن نسبة الحمل قد تختلف باختلاف العوامل الفردية، فإن العديد من المريضات تمكنّ من تحقيق حمل ناجح بعد الانصمام، لا سيما عند الالتزام بالمتابعة الطبية وتبنّي نمط حياة صحي. يُعد الكشف المبكر عن التليفات وتقييم حجمها وموقعها بدقة عوامل رئيسية في تحسين فرص العلاج والإنجاب.