يُعتبر الإجهاض المتكرر من المشكلات الصحية والنفسية المؤلمة التي تواجهها بعض النساء خلال مراحل الحمل المبكرة. ويُعرّف على أنه فقدان الحمل ثلاث مرات متتالية قبل بلوغ الأسبوع العشرين من الحمل. وتشير الإحصائيات إلى أن هذه الحالة تؤثر على ما يتراوح بين 1٪ إلى 2٪ من النساء، مما يجعلها موضوعًا مهمًا يجب تسليط الضوء عليه.
ما هي أسباب الإجهاض المتكرر؟
بعد التعرض لعدة حالات إجهاض، تبدأ المرأة في التساؤل: ما الذي يحدث؟ ولماذا لا يكتمل الحمل؟ وهل هناك أسباب واضحة يمكن التعامل معها؟ الحقيقة أن هناك عدة عوامل قد تؤدي إلى تكرار فقدان الحمل، منها ما يتعلق بالحالة الصحية للزوجين، ومنها ما يعود إلى تشوهات خلقية أو اضطرابات مناعية.
1. العامل العمري للأبوين
يزداد خطر الإجهاض المتكرر مع التقدم في العمر، خصوصًا لدى النساء فوق سن الـ35 عامًا، والرجال الذين تزيد أعمارهم عن 40 عامًا. هذا الارتفاع في الخطر يرتبط غالبًا بزيادة احتمالية حدوث اضطرابات في الكروموسومات داخل الجنين.
2. العيوب الخلقية أو التشوهات الرحمية
قد تعاني بعض النساء من تشوهات خلقية في الرحم مثل الرحم المزدوج أو المقوس، أو حتى عيوب مكتسبة نتيجة جراحات سابقة. هذه العيوب تؤثر على ثبات الحمل وقد تؤدي إلى الإجهاض، خاصة خلال الثلث الثاني من الحمل.
3. الخلل الكروموسومي
يمثل الخلل في الكروموسومات الوراثية سببًا في حوالي 3 إلى 6% من حالات الإجهاض المتكرر. ويمكن اكتشاف هذه الاضطرابات من خلال إجراء فحص وراثي دقيق لكلا الزوجين.
4. مشكلات المناعة الذاتية
من أبرز هذه المشكلات متلازمة أضداد الفوسفوليبيد، والتي تتسبب في تكوين أجسام مضادة تهاجم أنسجة الجنين، مما يؤدي إلى طرده من جسم الأم.
5. اضطرابات تجلط الدم
وجود استعداد لتكوين جلطات دموية (آهبة التخثر) يؤدي إلى انسداد الأوعية الدموية في المشيمة، مما يُعيق إيصال الغذاء والأكسجين للجنين ويؤدي بالتالي إلى فقدانه.
6. مشكلات الغدد الصماء
بعض الأمراض مثل قصور الغدة الدرقية أو التهابها المناعي، وارتفاع هرمون البرولاكتين (الحليب) يمكن أن تساهم في حدوث الإجهاض المتكرر نتيجة لاضطراب الهرمونات.
7. تكيس المبايض
رغم أن العلاقة الدقيقة لم تُفهم بعد، إلا أن النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض يُصبن بنسبة تصل إلى 10٪ بحالات إجهاض متكررة.
8. ضعف نوعية الحيوانات المنوية
قد تلعب التشوهات الوراثية في الحمض النووي داخل الحيوانات المنوية دورًا في فشل الحمل، مما يُسهم في تكرار حالات الإجهاض.
9. العدوى
تشمل العدوى المسببة للإجهاض أمراض مثل داء الليستريات، التوكسوبلازما (داء القطط)، والحصبة الألمانية، والهربس وغيرها من الفيروسات والبكتيريا التي تؤثر سلبًا على الجنين.
10. العادات الضارة
الإفراط في شرب الكحول، التدخين، أو التعرض للمواد السامة، كلها عادات تزيد من احتمالية الإجهاض.
11. أمراض أخرى مزمنة
بعض الأمراض مثل مرض السكري غير المنضبط، أمراض القلب، ارتفاع ضغط الدم، وسرطان المبيض قد تُضاعف فرص حدوث الإجهاض المتكرر.
ما هي أعراض الإجهاض المتكرر؟
الإجهاض، خاصة عندما يتكرر، يأتي بمجموعة من الأعراض المزعجة والمؤلمة جسديًا ونفسيًا، ومنها:
-
نزيف مهبلي بدرجات متفاوتة.
-
تقلصات شديدة في منطقة الرحم.
-
ألم حاد في أسفل البطن.
-
ارتفاع حرارة الجسم.
-
شعور عام بالتعب والإرهاق.
-
ألم في أسفل الظهر.
كيف يتم تشخيص الإجهاض المتكرر؟
التشخيص الدقيق هو الخطوة الأولى للوقاية والعلاج، ويعتمد على مجموعة من الفحوصات، منها:
-
التاريخ المرضي: التحقق من وجود أمراض وراثية أو مشاكل في الحمل السابق.
-
تحاليل دم شاملة: لفحص الهرمونات، الكروموسومات، وظائف الغدة الدرقية وهرمون البرولاكتين.
-
تصوير الرحم: باستخدام الأشعة أو التصوير بالرنين المغناطيسي لتحديد التشوهات.
-
اختبارات مناعية: مثل اختبار أضداد الفوسفوليبيد.
-
فحص العدوى المهبلية: لتحديد وجود التهابات قد تكون السبب في فقدان الجنين.
كيف يُعالج الإجهاض المتكرر؟
يتوقف العلاج على سبب الحالة، ويشمل عدة خيارات حسب التشخيص، مثل:
1. العلاجات المناعية
إذا تبين وجود خلل مناعي، يتم استخدام أدوية تقلل من نشاط الجهاز المناعي ضد الحمل.
2. التدخل الجراحي
يتم اللجوء للجراحة في حال وجود مشاكل تشريحية في الرحم مثل الحاجز الرحمي أو الأورام الليفية.
3. أدوية مضادة للتخثر
في حالات متلازمة أضداد الفوسفوليبيد، تُستخدم أدوية مثل الهيبارين والأسبرين لمنع تكون الجلطات في المشيمة.
4. تنظيم الهرمونات
تشمل معالجة اضطرابات الغدة الدرقية وارتفاع هرمون الحليب بأدوية مخصصة يصفها الطبيب المختص.
5. علاج العدوى
تعالج الالتهابات البكتيرية والفيروسية باستخدام المضادات الحيوية المناسبة للحفاظ على الحمل.
6. الدعم النفسي
تلعب الحالة النفسية دورًا مهمًا في استمرار الحمل، لذا فإن الدعم العاطفي والمعنوي للمرأة أمر حاسم.
هل يمكن الوقاية من الإجهاض المتكرر؟
نعم، يمكن تقليل خطر تكرار الإجهاض باتباع النصائح التالية:
-
الحصول على تشخيص دقيق ومبكر.
-
علاج المشكلات الصحية قبل التخطيط للحمل.
-
الالتزام بالراحة الجسدية والنفسية.
-
اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن.
-
الابتعاد عن الكحول، التدخين، والمخدرات.
-
تجنب التوتر النفسي والإجهاد البدني.
-
الابتعاد عن مصادر التلوث البيئي.
ما هي مضاعفات الإجهاض المتكرر؟
قد تترك حالات الإجهاض المتكررة أثرًا نفسيًا طويل الأمد على المرأة، وتشمل:
-
الحزن الشديد والاكتئاب.
-
اضطرابات القلق.
-
فقدان الثقة بالنفس.
-
العزلة الاجتماعية.
-
الشعور بالذنب.
كما أن تكرار الإجهاض يزيد من احتمالية الإصابة بمضاعفات في الأحمال القادمة مثل تسمم الحمل أو الولادة المبكرة.
دواء شائع لعلاج الإجهاض الاعتيادي: ديدروجيستيرون
يُستخدم ديدروجيستيرون كنوع من العلاجات الهرمونية في بعض الحالات، خصوصًا تلك المرتبطة باضطرابات هرمون البروجستيرون، ويساعد في دعم بطانة الرحم وتعزيز فرص ثبات الحمل. يجب استخدامه فقط تحت إشراف طبيب مختص.
إذا كنتِ تعانين من الإجهاض المتكرر أو فقدان الحمل المتكرر دون سبب واضح، فإننا نوصيك بزيارة مجمع صحة المرأة للخصوبة في جدة، حيث يتوفر فريق طبي متخصص في أمراض النساء والخصوبة، مزود بأحدث تقنيات التشخيص والعلاج، مع دعم نفسي ومعنوي شامل لكل امرأة تسعى لتحقيق حلم الأمومة بأمان. احصلي على استشارة طبية دقيقة تضعكِ على الطريق الصحيح لحمل صحي وآمن.