في السنوات الأخيرة، كشفت دراسات علمية حديثة عن علاقة وثيقة بين مرض السكري ومشكلات الخصوبة لدى الرجال، مما أثار قلق الأطباء والباحثين في هذا المجال. إحدى الدراسات الحديثة أظهرت أن الرجال الذين تناولوا دواء "الميتفورمين" - وهو دواء شائع لمرض السكري من النوع الثاني - خلال الأشهر الثلاثة السابقة للحمل، زادت احتمالية حدوث تشوهات خلقية في أطفالهم بنسبة تصل إلى 40%. هذه النتائج لا تعني أن السكري وحده يسبب مشاكل الخصوبة، لكنها تؤكد أن له دوراً محورياً يجب ألا يُغفل.
دور السكري في التأثير على الصحة الإنجابية عند الرجال
يعاني الرجال المصابون بالنوع الأول أو الثاني من السكري من عدة مشكلات قد تؤثر على قدرتهم الإنجابية. وتشمل هذه المشكلات ضعف الانتصاب، انخفاض جودة الحيوانات المنوية، وتراجع الرغبة الجنسية، وكلها مرتبطة باضطراب مستوى السكر في الدم على المدى الطويل.
السكري النوع الأول والنوع الثاني: الفروق وتأثيرها على الخصوبة
-
النوع الأول من السكري: مرض مناعي ذاتي غير قابل للوقاية، يصيب الرجال في سن مبكر غالبًا.
-
النوع الثاني من السكري: هو الأكثر شيوعًا ويرتبط غالبًا بنمط الحياة والعادات الغذائية غير الصحية، ويُصيب الرجال بنسبة أعلى من النساء.
التحكم الضعيف في مستوى السكر في الدم يمكن أن يؤدي إلى مشكلات في الخصوبة مثل:
ضعف الانتصاب: أحد أبرز علامات السكري عند الرجال
يُعد ضعف الانتصاب (ED) من المشكلات الشائعة بين الرجال المصابين بالسكري، حيث يصيب نحو 50% منهم، خاصة أولئك الذين لا يسيطرون على مستوى الجلوكوز في الدم.
يرجع ذلك إلى:
-
تلف الأعصاب (الاعتلال العصبي السكري): مما يضعف الإشارات العصبية اللازمة لحدوث الانتصاب.
-
ضعف الدورة الدموية: حيث يؤثر ارتفاع السكر على الأوعية الدموية الدقيقة في القضيب.
-
نقص أكسيد النيتريك (NO): الذي يساعد على ارتخاء العضلات وزيادة تدفق الدم للقضيب.
-
انخفاض هرمون التستوستيرون: مما يؤدي إلى تراجع الرغبة الجنسية وزيادة احتمال الضعف الجنسي.
مشاكل القذف الناتجة عن السكري
القذف الرجعي
تحدث هذه الحالة عندما يعود السائل المنوي إلى المثانة بدلاً من خروجه عبر القضيب أثناء القذف. ورغم أنها لا تُسبب ضررًا مباشرًا، إلا أنها تؤثر على فرص الإنجاب وتستدعي اللجوء إلى تقنيات الإخصاب المساعدة مثل التلقيح الصناعي.
القذف المتأخر
يُعد من الأعراض الأخرى المرتبطة بالسكري، حيث يعاني الرجل من تأخر كبير في القذف أو عدم حدوثه رغم التحفيز المطول. وقد يؤثر ذلك سلبًا على العلاقة الزوجية والخصوبة.
تأثير السكري على جودة الحيوانات المنوية
يرتبط السكري بتراجع جودة السائل المنوي والحيوانات المنوية، وتشمل هذه التغيرات:
-
انخفاض الحركة (Motility): مما يقلل من قدرة الحيوان المنوي على الوصول للبويضة.
-
تلف الحمض النووي داخل النطفة (DNA Fragmentation): مما يقلل من احتمالية تخصيب ناجح.
-
انخفاض العدد: نتيجة تلف أنسجة الخصيتين المسؤولة عن إنتاج الحيوانات المنوية.
السمنة، التي تُعد من العوامل المرافقة للسكري، تُفاقم من هذه المشكلات أيضًا.
انخفاض هرمون التستوستيرون: صلة وثيقة بالسكري
يُعاني نحو ضعف عدد الرجال المصابين بالسكري النوع الثاني من انخفاض هرمون الذكورة مقارنةً بغير المصابين. ويسبب ذلك:
-
فقدان الرغبة الجنسية
-
ضعف الانتصاب
-
فقدان الكتلة العضلية
-
الإحساس بالتعب الدائم
-
اضطرابات مزاجية واكتئاب
وعلى الرغم من عدم وجود علاج نهائي، إلا أن تحسين نمط الحياة والعلاج الهرموني تحت إشراف الطبيب قد يساعد في استعادة التوازن الهرموني.
أهمية إدارة مرض السكري للحفاظ على الخصوبة
الخبر السار هو أن التحكم الجيد في مرض السكري يُمكن أن يحسن بشكل ملحوظ من الخصوبة لدى الرجال. ويشمل هذا:
-
التحكم الصارم في سكر الدم: عبر استخدام الأنسولين والأدوية الموصوفة.
-
إجراء فحص HbA1c: لمعرفة متوسط مستويات السكر خلال آخر 3 أشهر، ويفضل أن يكون أقل من 7%.
-
المتابعة الدورية مع الطبيب المختص.
-
تحسين النظام الغذائي: تقليل الكربوهيدرات الضارة، وزيادة تناول الألياف والبروتينات.
-
ممارسة الرياضة بانتظام: مثل المشي، السباحة، أو ركوب الدراجة.
-
الإقلاع عن التدخين والكحول: لأنها تضر بالأعصاب وتقلل الخصوبة.
الخلاصة: تحكمك في السكري يحدد فرصك في الإنجاب
على الرغم من التحديات التي يفرضها مرض السكري على الخصوبة الذكورية، إلا أن الأمل ما زال قائماً. من خلال الإدارة الدقيقة لمستوى السكر وتبني نمط حياة صحي، يمكن للرجال الحفاظ على قدرتهم الإنجابية وتقليل احتمالية ظهور المشكلات الجنسية.
إذا كنت مصابًا بالسكري وتواجه صعوبات في الإنجاب، فلا تتردد في استشارة طبيب متخصص في الغدد الصماء أو طبيب أمراض الذكورة.
ندعوك لزيارة مجمع صحة المرأة للخصوبة في جدة، حيث تتوفر فحوصات شاملة لحالة الخصوبة لدى الرجال، مع نخبة من الأطباء المتخصصين في الغدد الصماء والصحة الإنجابية، بالإضافة إلى خدمات علاجية متطورة تساعدك على استعادة توازنك الهرموني وتحقيق حلم الأبوة.