تمثل العلاقة بين الأجسام المضادة والحمل أحد أكثر الجوانب الطبية حساسية خلال رحلة الحمل. فبعض الأجسام المضادة قد تستهدف خلايا الجنين أو المشيمة، ما قد يسبب مضاعفات خطيرة مثل الإجهاض المتكرر، تأخر النمو، أو حتى وفاة الجنين. يتناول هذا المقال شرحًا علميًا مبسطًا وشاملًا حول هذه المشكلة، بدايةً من ماهية الأجسام المضادة، مرورًا بأهم أنواعها وتأثيرها على الخصوبة والحمل، وصولًا إلى أحدث طرق التشخيص والعلاج والوقاية، بما يضمن للمرأة فهمًا واضحًا لهذه الحالة الطبية وكيفية التعامل معها بأمان.

ما هي الأجسام المضادة؟

الأجسام المضادة هي بروتينات يفرزها الجهاز المناعي للدفاع عن الجسم ضد أي مواد يعتبرها غريبة مثل الفيروسات والبكتيريا.
لكن خلال الحمل، قد يتعامل الجهاز المناعي مع خلايا الجنين على أنها جسم غريب، فيقوم بمهاجمتها. وهنا تظهر مشكلة الأجسام المضادة والحمل، خصوصًا في حال عدم توافق نوع عامل الريسوس (RH factor) بين الأم والجنين أو وجود اضطرابات مناعية أخرى.

العلاقة بين الأجسام المضادة والحمل

عدم تطابق عامل الريسوس RH

يعتبر عامل الريسوس أحد المحددات الأساسية لفصيلة الدم، ويكون إما:

• موجب (RH+)

• سالب (RH–)

تبدأ المشكلة عندما:

• تكون الأم سالب RH

• ويحمل الجنين موجب RH
   

فيلتقط الجهاز المناعي للأم خلايا الجنين باعتبارها “غريبة” ويبدأ بتكوين أجسام مضادة لتدميرها، وهو ما يُعرف بـ داء الريسوس (Rh disease).

عادة لا يتأثر الحمل الأول، لكن الخطر يزداد في الأحمال التالية.

داء الريسوس: الأسباب والأعراض والمضاعفات

أسباب حدوث داء الريسوس

قد يتعرض دم الأم لدم الجنين في الحالات التالية:

• أثناء الولادة.

• خلال الإجهاض أو الحمل خارج الرحم.

• في حالات النزيف أثناء الحمل.

• بعد التعرض لإصابة في البطن.

• عند إجراء بزل السلى أو أخذ عينة من المشيمة.

• نقل دم غير متوافق مع RH.
   

أعراض داء الريسوس

أولًا: أثناء الحمل

• تضخم الكبد أو الطحال لدى الجنين.

• تراكم السوائل حول أعضاء الجنين (استسقاء الجنين).

• تغير لون السائل الأمينوسي بسبب ارتفاع البيليروبين.

ثانيًا: بعد الولادة

• اليرقان.

• شحوب شديد.

• صعوبة التنفس.

• تسارع نبضات القلب.

• تورم تحت الجلد.

• تضخم البطن.
   

هل تمنع الأجسام المضادة حدوث الحمل؟

ليس كل وجود للأجسام المضادة يعني استحالة حدوث حمل، لكن بعض الأنواع قد تعيق هذه العملية عبر:

1. الأجسام المضادة للحيوانات المنوية

تؤثر على حركة الحيوانات المنوية أو قدرتها على اختراق البويضة.

2. الأجسام المضادة للبويضات

قد تمنع انغراس البويضة أو تتسبب في فشل الإخصاب.

3. الأجسام المضادة المتعلقة بالمشيمة

تتسبب في ضعف تثبيت الحمل أو فشله.

أعراض قد تدل على وجود أجسام مضادة تمنع الحمل

• الإجهاض المتكرر (مرتين متتاليتين أو أكثر).

• تأخر حدوث الحمل.

• ألم في الحوض بعد الجماع.

• جلطات دموية متكررة.

• مشاكل في الدورة الشهرية.
   

أنواع الأجسام المضادة التي تهدد حياة الجنين

1. أضداد الفوسفوليبيد (APS)

• تسبب زيادة في تجلط الدم.

• تؤدي إلى انسداد الأوعية الدموية في المشيمة.

• من أهم أسباب الإجهاض المتكرر وولادة جنين ميت.
   

2. الأجسام المضادة للخلايا النووية (ANA)

تهاجم نواة الخلايا ويمكن أن تؤثر على نمو الجنين.

3. الأجسام المضادة للثرومبوبلاستين

ترفع خطر الجلطات الدموية داخل المشيمة.

4. الأجسام المضادة للغدة الدرقية (TPO – TG)

قد تسبب:

• تأخر نمو الجنين.

• اضطرابات في الجهاز العصبي.

• انخفاض وزن المولود.

• الإجهاض أو الولادة المبكرة.
   

الأجسام المضادة والغدة الدرقية وتأثيرها على الحمل

قصور الغدة الدرقية مع وجود أجسام مضادة

قد يؤدي إلى:

• الإجهاض.

• تشوهات في النمو العصبي.

• تأخر النمو الجسدي.

• ضعف نبض قلب الجنين.
   

فرط نشاط الغدة الدرقية مع الأجسام المضادة

قد يسبب:

• ارتفاع ضغط الدم.

• ولادة مبكرة.

• فقدان الوزن الشديد.

• زيادة نبضات قلب الأم والجنين.
   

هل يمكن الحمل مع وجود أجسام مضادة للغدة الدرقية؟

نعم، يمكن الحمل بشكل طبيعي، لكن:

• يجب متابعة مستوى الهرمونات باستمرار.

• ضبط جرعات أدوية الغدة خلال الحمل.

• مراقبة نمو الجنين بشكل متكرر.
   

تشخيص الأجسام المضادة أثناء الحمل

يشمل التشخيص:

• تحليل الأجسام المضادة للـ RH.

• تحاليل المناعة مثل:
  ANA – APS – TPO – TG.

• السونار لمتابعة صحة الجنين.

• فحص السائل الأمنيوسي عند الضرورة.

• أخذ عينة من دم الحبل السري في الحالات الشديدة.
   

علاج الأجسام المضادة أثناء الحمل

تختلف خطة العلاج حسب نوع الأجسام المضادة وشدتها، وتشمل:

1. حقن الغلوبولين المناعي Anti-D

تُعطى للنساء RH– لمنع التحسس.

2. الأدوية المثبطة للمناعة

تستخدم في الحالات المناعية المعقدة.

3. الأسبيرين بجرعات منخفضة

يساعد في منع التخثر وتحسين تدفق الدم للمشيمة.

4. الهيبارين

مضاد تخثر فعال جدًا للنساء المصابات بأضداد الفوسفوليبيد.

5. الجلوبيولين المناعي الوريدي IVIG

يقلل من مستوى الأجسام المضادة في الحالات الحادة.

6. الإخصاب المساعد (التلقيح الصناعي / الحقن المجهري)

قد يستخدم لتجاوز تأثير الأجسام المضادة على الحيوانات المنوية أو البويضات.

مضاعفات الأجسام المضادة على الجنين

• فقر دم شديد.

• تلف الدماغ (kernicterus).

• قصور القلب.

• استسقاء الجنين.

• وفاة الجنين داخل الرحم.

• ولادة مبكرة.
   

الوقاية من مشاكل الأجسام المضادة خلال الحمل

• إعطاء حقنة Anti-D في الأسبوع 28 وبعد الولادة مباشرة.

• متابعة مستمرة لتحاليل المناعة.

• علاج أي اضطرابات بالغدة الدرقية مبكرًا.

• تخطيط الحمل تحت إشراف طبي متخصص.
   

الأجسام المضادة قد تكون سببًا مهمًا لاضطرابات الحمل أو الإجهاض المتكرر، لكنها ليست نهاية المطاف. مع التشخيص الدقيق والمتابعة المستمرة والعلاج المناسب، يمكن لمعظم النساء إكمال الحمل بسلامة والوصول إلى ولادة آمنة.

في مجمع صحة المرأة للخصوبة بجدة، نحرص على تقديم رعاية طبية متقدمة في تشخيص وعلاج مشكلات المناعة المرتبطة بالحمل، بما في ذلك اضطرابات الأجسام المضادة التي قد تؤثر على فرص حدوث الحمل أو استمراره. يمتلك المجمع خبرة تمتد لأكثر من 24 عامًا في علاج تأخر الإنجاب ونجاحات متميزة في دعم السيدات اللاتي يعانين من حالات معقدة كالأجسام المضادة، عبر أحدث بروتوكولات العلاج المناعي والدعم الإكلينيكي المتكامل. إذا كنتِ تبحثين عن فريق متخصص يقدم لكِ تشخيصًا دقيقًا، ورعاية شاملة مبنية على الأدلة العلمية، فإن مجمع صحة المرأة هو وجهتك المثالية لتحقيق حلم الأمومة بثقة وأمان.

تنبيه : المعلومات الواردة في هذا المقال للتوعية فقط، ولا تغني عن استشارة الطبيب أو إجراء التقييم الطبي الكامل.

🟣 الأسئلة الشائعة

1. ما هي الأجسام المضادة التي قد تؤثر على الحمل؟

تشمل أشهرها الأجسام المضادة للفوسفوليبيد، والأجسام المضادة للغدة الدرقية، والأجسام المضادة للسperms، وكل منها قد يؤثر بشكل مختلف على الخصوبة أو ثبات الحمل.

2. كيف أعرف أن لدي أجسامًا مضادة تؤثر على الحمل؟

يتم التشخيص عن طريق تحاليل دم متخصصة يحددها الطبيب، مع تقييم التاريخ المرضي وحالات الإجهاض المتكرر أو فشل الانغراس.

3. هل يمكن الحمل رغم وجود الأجسام المضادة؟

نعم، يمكن الحمل مع اتباع خطة علاجية مناسبة تشمل أدوية سيولة أو علاجًا مناعيًا بحسب نوع الأجسام المضادة.

4. هل تسبب الأجسام المضادة الإجهاض المتكرر؟

بعض الأنواع مثل الأجسام المضادة للفوسفوليبيد قد تزيد من معدلات الإجهاض ما لم يتم بدء العلاج المناسب.

5. ما هي أفضل طرق علاج ارتفاع الأجسام المضادة؟

قد يشمل العلاج: الأسبرين، الهيبارين، الكورتيزون، أو البروتوكولات المناعية حسب الحالة، وتتم المتابعة تحت إشراف متخصص.

🟣 المصادر

1. The Rh Factor: How It Can Affect Your Pregnancy — American College of Obstetricians and Gynecologists (ACOG)
   https://www.acog.org/womens-health/faqs/the-rh-factor-how-it-can-affect-your-pregnancy
    

2. Antiphospholipid syndrome — Symptoms & causes — Mayo Clinic
   https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/antiphospholipid-syndrome/symptoms-causes/syc-20355831
    

3. Thyroid Autoantibodies in Pregnancy — Review article (PubMed Central, NIH)
   https://pmc.ncbi.nlm.nih.gov/articles/PMC3652173/
    

4. Erythroblastosis Fetalis / Alloimmunization in Pregnancy — Cleveland Clinic
   https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/erythroblastosis-fetalis
    

5. Rh incompatibility — MedlinePlus Medical Encyclopedia (NIH/NLM)
   https://medlineplus.gov/ency/article/001600.htm