قصور عنق الرحم يُعد من الحالات الطبية الحسّاسة التي قد تؤثر بشكل مباشر على استمرارية الحمل وسلامة الجنين، وغالبًا ما يحدث دون إنذارات واضحة، ما يجعله تحديًا تشخيصيًا وعلاجيًا في طب النساء والتوليد. في هذا المقال سنقدم شرحًا طبيًا متكاملًا ومبسّطًا، يعتمد على الأدلة العلمية، مع تنظيم احترافي يساعد القارئة على الفهم واتخاذ القرار الصحيح في الوقت المناسب.
ما هو قصور عنق الرحم؟
قصور عنق الرحم، أو ما يُعرف طبيًا بالقصور العنقي، هو حالة يصبح فيها نسيج عنق الرحم ضعيفًا وغير قادر على البقاء مغلقًا طوال فترة الحمل. ونتيجة لذلك، قد يبدأ عنق الرحم في القِصر أو الانفتاح مبكرًا دون وجود تقلصات رحمية حقيقية، مما قد يؤدي إلى الإجهاض في الثلث الثاني من الحمل أو الولادة المبكرة جدًا.
عنق الرحم هو الجزء السفلي من الرحم، ويعمل كحاجز طبيعي يحافظ على الجنين داخل الرحم. في الحمل الطبيعي، يكون عنق الرحم مغلقًا وصلبًا، ثم يبدأ بالتغير تدريجيًا قرب موعد الولادة. أما في حالة القصور، فإن هذه التغيرات تحدث في وقت مبكر وخارج السياق الطبيعي للحمل.
لماذا يُعد قصور عنق الرحم خطيرًا؟
تكمن خطورة قصور عنق الرحم في كونه غالبًا صامتًا، أي قد يحدث دون أعراض واضحة حتى تقع المضاعفات. وتشير التقديرات إلى أن هذه الحالة قد تصيب امرأة واحدة من بين كل 100 إلى 2000 امرأة، مع زيادة احتمالية تكرارها في حالات الحمل اللاحقة إذا حدثت مرة واحدة.
أعراض قصور عنق الرحم
في كثير من الحالات، لا تظهر أعراض واضحة في المراحل الأولى من الحمل، ولكن قد تلاحظ بعض النساء علامات تحذيرية، غالبًا بين الأسبوع 14 و24 من الحمل، مثل:
-
الشعور بضغط أو ثقل في منطقة الحوض
-
ألم جديد أو غير معتاد أسفل الظهر
-
تقلصات خفيفة أو شعور بعدم الارتياح في البطن
-
نزول إفرازات مهبلية مختلفة عن المعتاد
-
تبقيع دموي أو نزيف مهبلي خفيف
من المهم التنبيه إلى أن قصور عنق الرحم لا يسبب عادةً تقلصات ولادة حقيقية، وهو ما يميّزه عن المخاض المبكر.
أسباب قصور عنق الرحم
لا يوجد سبب واحد واضح لهذه الحالة، وغالبًا ما تكون نتيجة تداخل عدة عوامل. وتشمل الأسباب المحتملة:
-
اضطرابات خلقية في الأنسجة الضامة، مثل:
-
متلازمة إهلرز-دانلوس
-
متلازمة مارفان
-
تشوهات خلقية في الرحم أو عنق الرحم
-
إصابة عنق الرحم أثناء ولادة سابقة
-
الخضوع لجراحات عنق الرحم، مثل:
-
ضعف تكوين الكولاجين في أنسجة عنق الرحم
عوامل الخطر المرتبطة بقصور عنق الرحم
بعض النساء يكنّ أكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات التالية:
-
وجود تاريخ سابق لإجهاض متكرر في الثلث الثاني من الحمل
-
الولادة المبكرة السابقة دون سبب واضح
-
التعرض لإجراءات جراحية متكررة على عنق الرحم
-
تشوهات الرحم الخلقية
-
اضطرابات وراثية تؤثر على النسيج الضام
-
إصابة عنق الرحم بتمزق شديد أثناء ولادة سابقة
مضاعفات قصور عنق الرحم
في حال عدم التشخيص أو العلاج، قد يؤدي قصور عنق الرحم إلى مضاعفات خطيرة، من أبرزها:
-
الولادة المبكرة جدًا
-
فقدان الحمل
-
تمزق عنق الرحم
-
عدوى داخل الرحم
-
نزيف داخلي
-
تمزق الأغشية الجنينية
كيف يتم تشخيص قصور عنق الرحم؟
تشخيص هذه الحالة قد يكون صعبًا قبل الحمل، إذ لا توجد فحوصات مؤكدة للتشخيص المسبق. لكن بعد حدوث الحمل، يعتمد التشخيص على:
1. الموجات فوق الصوتية عبر المهبل
تُعد الوسيلة الأكثر دقة لقياس طول عنق الرحم وملاحظة أي قصر أو توسّع غير طبيعي، أو بروز الأغشية الجنينية.
2. فحص الحوض
يُستخدم لتقييم ما إذا كان الكيس الأمنيوسي قد بدأ بالظهور عبر عنق الرحم.
3. الفحوصات المخبرية
في بعض الحالات، يتم فحص السائل الأمنيوسي لاستبعاد وجود التهابات قد تساهم في تفاقم الحالة.
خيارات علاج قصور عنق الرحم
يعتمد العلاج على التاريخ الطبي، وعمر الحمل، وشدة الحالة، ويشمل:
1. مكملات هرمون البروجسترون
قد تُوصف للنساء اللواتي لديهن تاريخ ولادة مبكرة، للمساعدة في تقليل خطر تكرارها.
2. المراقبة الدورية بالموجات فوق الصوتية
تُجرى عادةً كل أسبوعين بين الأسبوع 16 و24 من الحمل لمتابعة طول عنق الرحم.
3. تطويق عنق الرحم (Cervical Cerclage)
إجراء جراحي يتم فيه خياطة عنق الرحم بخيوط قوية لمنع انفتاحه المبكر. يُجرى عادة قبل الأسبوع 24 من الحمل، ولا يُنصح به في حالات الحمل المتعدد.
4. الراحة وتعديل النشاط
في بعض الحالات المتقدمة، قد يُوصى بتقليل النشاط البدني أو الراحة الجزئية أو الكاملة حسب تقييم الطبيب.
هل يمكن الوقاية من قصور عنق الرحم؟
لا توجد طريقة مؤكدة للوقاية التامة، لكن يمكن تقليل المخاطر عبر:
-
الالتزام بمتابعة الحمل بانتظام
-
تناول فيتامينات ما قبل الحمل
-
الحفاظ على وزن صحي
-
الامتناع عن التدخين والكحول
-
عدم تناول أي أدوية دون استشارة الطبيب
قصور عنق الرحم حالة طبية دقيقة قد تمر دون أعراض واضحة، لكنها تحمل مخاطر حقيقية على الحمل إذا لم تُكتشف مبكرًا. الوعي بعوامل الخطر، والانتباه لأي أعراض غير معتادة، والمتابعة الدقيقة مع الطبيب المختص، كلها خطوات أساسية لزيادة فرص إكمال الحمل بسلام. التشخيص المبكر والتدخل العلاجي المناسب يمكن أن يُحدثا فرقًا كبيرًا في حماية الأم والجنين وتحقيق حمل آمن حتى نهايته.
إذا كنتِ تبحثين عن رعاية متخصصة في صحة المرأة والحمل الآمن في جدة ، فإن مجمع صحة المرأة للخصوبة يوفر خدمات عالية الجودة بخبرات تتجاوز ال 24 عاماً في:
-
تشخيص الحالات المعقدة مثل قصور عنق الرحم والعقم
-
متابعة الحمل باستخدام أحدث تقنيات الموجات فوق الصوتية والمختبرات المتقدمة
-
خطط علاج فردية تتناسب مع كل حالة
-
فريق طبي من أفضل الاستشاريين المتخصصين في أمراض الحمل والخصوبة
نوصي بزيارة المجمع للحصول على تقييم شامل وخطة علاج مخصّصة، لتعزيز فرص حمل صحي وآمن.
🟣 الأسئلة الشائعة
ما هو قصور عنق الرحم؟
قصور عنق الرحم هو ضعف في نسيج عنق الرحم يؤدي إلى قِصره أو انفتاحه المبكر أثناء الحمل دون تقلصات، مما يزيد من خطر الإجهاض في الثلث الثاني أو الولادة المبكرة.
هل يمكن أن يحدث قصور عنق الرحم دون أعراض؟
نعم، في كثير من الحالات لا تظهر أي أعراض واضحة، ويتم اكتشاف الحالة فقط أثناء الفحص بالموجات فوق الصوتية أو بعد حدوث ولادة مبكرة.
ما الفرق بين قصور عنق الرحم والمخاض المبكر؟
قصور عنق الرحم يحدث دون تقلصات رحمية مؤلمة، بينما المخاض المبكر يصاحبه تقلصات منتظمة وآلام مشابهة لآلام الولادة.
كيف يتم تشخيص قصور عنق الرحم أثناء الحمل؟
يُشخّص غالبًا باستخدام الموجات فوق الصوتية عبر المهبل لقياس طول عنق الرحم، مع مراجعة التاريخ الطبي للحمل السابق وفحص الحوض عند الحاجة.
هل قصور عنق الرحم يسبب الإجهاض؟
نعم، قد يؤدي قصور عنق الرحم إلى فقدان الحمل خاصة في الثلث الثاني، إذا لم يتم تشخيصه وعلاجه مبكرًا.
ما هو تطويق عنق الرحم ومتى يُستخدم؟
تطويق عنق الرحم هو إجراء جراحي يتم فيه خياطة عنق الرحم بخيوط قوية لمنع انفتاحه المبكر، ويُستخدم عادة قبل الأسبوع 24 من الحمل في حالات مختارة.
هل يمكن الحمل بشكل طبيعي بعد تشخيص قصور عنق الرحم؟
نعم، مع المتابعة الدقيقة والعلاج المناسب مثل البروجسترون أو تطويق عنق الرحم، يمكن تحقيق حمل ناجح وآمن في كثير من الحالات.
هل يتكرر قصور عنق الرحم في الحمل التالي؟
إذا حدث قصور عنق الرحم في حمل سابق، تزداد احتمالية تكراره في الحمل التالي، لذلك تُعد المتابعة المبكرة ضرورية.
🟣 المصادر
Mayo Clinic – Cervical insufficiency (Incompetent cervix)
https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/incompetent-cervix/symptoms-causes/syc-20373836
Mayo Clinic – Cervical insufficiency: Diagnosis and treatment
https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/incompetent-cervix/diagnosis-treatment/drc-20373842
MSD Manuals – Cervical Insufficiency
https://www.msdmanuals.com/home/women-s-health-issues/complications-of-pregnancy/cervical-insufficiency
American College of Obstetricians and Gynecologists (ACOG) – Cervical Cerclage
https://www.acog.org/womens-health/faqs/cervical-cerclage
NCBI Bookshelf (StatPearls) – Cervical Insufficiency
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK525954/